مقالات

يا أيها العاق لا تغتر بحلم الله عليك 

يا أيها العاق لا تغتر بحلم الله عليك 

يا أيها العاق لا تغتر بحلم الله عليك 

بقلم / محمـــد الدكـــروري 

 

الحمد لله رب العالمين الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، أحمده جل شأنه وأشكره على نعم لا تعد ولا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يرجى ولا ند له يدعى، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد أيها الأخوة المؤمنون نحن في الواقع لا ينقصنا العلم بالنصوص الواردة في الكتاب والسنة في فضل بر الوالدين، وأن عقوقهما من كبائر الذنوب، وإنما ينقصنا العمل بما نعلم وينقصنا شيء من المبادرة والاهتمام وعدم الغفلة عن مواضع البر مع زحمة الأعمال الدنيوية، كزيارة الوالدين وتفقد أخبارهما والسؤال عن أحوالهما وسؤالهما عن حاجتهما، وينقصنا كذلك الخوف من مغبة وعقوبة العقوق، فيا أيها العاق لا تغتر بحلم الله عليك.

 

فإنك مجزي بعملك في الدنيا والآخرة، ويقول العلماء كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله تعالي إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان، وذكر بعض أهل العلم أن رجلا حمل أباه الطاعن في السن، وذهب به إلى خربة فقال الأب إلى أين تذهب بي يا ولدي، فقال لأذبحك فقال لا تفعل يا ولدي، فأقسم الولد ليذبحن أباه، فقال الأب فإن كنت ولا بد فاعلا فاذبحني هنا عند هذه الصخرة فإني قد ذبحت أبي هنا، وكما تدين تدان، فإني أدعو نفسي وإياكم أيها الإخوة ألا نخرج من هذا الشهر المبارك شهر رمضان إلا وقد عاهدنا الله تعالي على بر والدينا، وأن من كان بينه وبين والديه قطيعة أو خلاف أن يصلح ما بينه وبينهم، ومن كان مقصرا في بر والديه أن يبذل ما بوسعه في برها وإسعادها، ومن كان برا بهما فليحافظ على ذلك.

 

وإذا كانا ميتين فليتصدق لهما ويبرهما بدعوة صالحة أو عمل صالح يهدي ثوابه لهما، فيا أخي لحبيب هل تريد أن تكون مجاب الدعوة؟ وهل تريد أن تمتلك سلاحا يفرج الله به عنك الهموم والغموم والكروب؟ وهل تريد طيب العيش في الدنيا، ثم دخول الجنة في الآخرة؟ فأقول أحبتي الكرام في الله إن ما يجمع ذلك كله هو بر الوالدين وكيف لا يكون بر الوالدين من أولى أولويات المسلم وقد رفع الله تعالي شأنه ليكون في المرتبة الثانية بعد توحيد الله فقال سبحانه في كتابه الخالد في سورة الإسراء ” وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ” وبر الوالدين قدمه الله تعالي على الجهاد في سبيله، فإن بر الوالدين سبب لطيب العيش لأنه لا يطيب العيش مع أبناء عاقين يدخلون النكد والسوء على الوالدين في الصباح والمساء. 

 

والواقع يشهد بأن البارين بآبائهم وأمهاتهم هم من أسعد الناس عيشا، ودليل أن البر سببا لدخول الجنة ما أخرجه الإمام ابن حبان في صحيحه عن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فلما رقي عتبة قال ” آمين، ثم رقي عتبة أخرى فقال آمين، ثم رقي عتبة ثالثة فقال آمين، ثم قال أتاني جبريل فقال يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قلت آمين، قال ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله، قلت آمين، فقال ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل آمين، فقلت آمين” فاتقوا الله عباد لله ولا يقل أحد إن أبي عاص لربه قاسي في معاملته لنا إلى آخر مبررات إبليس التي يقدمها للأولاد لعقوق آبائهم، فأقول لهؤلاء هذا إبراهيم عليه السلام كم كان بارا بوالده مع شركه وكفره بربه وقسوته على ابنه.

 

فيقول تعالي ” قال أراغب أنت عن ألهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا ” فماذا كانت عاقبة ذلك البر، فهو ولد صالح بسلم رقبته لسكين أبيه ليذبحه بكل حب ورضى وخلدّ الله لنا ذلك في كتابه العزيز، ومع غير أنه مع ما للوالدين من فضل إلا أنه لا تجوز طاعتهما في حال واحدة فقط إذا أمروك بمعصية الخالق فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

يا أيها العاق لا تغتر بحلم الله عليك 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى